القائمة الرئيسية

الصفحات

من أين ستمول الحكومة الزيادات في أجور آلاف الموظفين؟ خبير اقتصادي يجيب (حوار)

من أين ستمول الحكومة الزيادات في أجور آلاف الموظفين؟ خبير اقتصادي يجيب (حوار)
محمد أسوا
ر السبت 4 مايو 2024 
 https://www.jarida-tarbawiya.net






يتطلب توقيع الحكومة اتفاقا مع المركزيات النقابية، وما رافقه من إقرار زيادة في أجور آلاف موظفي جميع القطاعات، نفقات تكلف خزينة الدولة ميزانية ضخمة تُقدر بملايير الدراهم، ما يطرح أسئلة حول سبل الحكومة لإيجاد هذه تغطية مالية للتكاليف للجديدة، في ظل الوضعية المتأزمة التي يمر منها اقتصاد المغرب.

للوقوف حول هذا الموضوع، أجرت جريدة ”آشكاين” الحوار التالي مع، ‬إدريس‭ ‬الفينة،‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ورئيس‭ ‬مركز‭ ‬المستقبل‭ ‬للتحليلات‭ ‬الإستراتيجية هذا نصه:
-من أين ستأتي الحكومة بنفقات تغطية الزيادة في الأجور؟

أولا الزيادة تهم فئة المأجورين سواء في القطاع العام أو الخاص، بالنسبة للقطاع العام هناك مجموعة من القيود بالنسبة للحكومة وهي قيود مرتبطة بالمداخل الجبائية التي تعتبر المورد المالي الأساسي للدولة لتغطية نفقاتها.


نلاحظ من جهة ثانية أن الإصلاحات الضريبية التي قامت بها الحكومة مؤخرا، أعطت دفعة كبيرة للمداخل الجبائية. المغرب ليس لديه أي مشكل على هذا المستوى، على عكس دول اخرى كمصر مثلا. المغرب في وضع، كما يشهد بذلك حتى البنك والصندوق الدولي، ماليته وتوازناته الماكرو اقتصادية، متينة.

ثانيا هناك نسبة ما يسمى عقلنة المصاريف المرتبطة بالأجور مقارنة بالناتج الداخلي الخام الذي يجب ألا تتعدى 12 في المائة، ويتم احترام هذه النسب في السنوات الأخيرة بشكل كبير. وهي شرط من شروط المؤسسات المالية الدولية.

لا يجب أن ننسى أيضا أن تحسين أجور الموظفين ستنعكس إيجابا على تحريك العجلة الاقتصادية اعتباراً ان هذه الفئة تشكل النواة الصلبة للاستهلاك والطلب الداخلي داخل الاقتصاد.

اليوم الشركات تشتكي من تراجع الطلب والسبب هو أن القدرة الشرائية للأسر تآكلت بسبب التضخم، والادخار هو الاخر تآكل أيضا، وبالتالي لم يعد بمقدورهم الاقتناء بشكل سهل كما السابق او حتى الاقتراض من الابناك.

من شأن تحسين الدخل أن يحرك الطلب الداخلي الذي من شأنه تحريك الاقتصاد بشكل عام وان ينعكس ذلك على النمو والمحاصيل الضرائبية الجديدة التي سوف تسمح بتغطية مصاريف الزيادات في الأجور .

هذه الزيادات ستمول نفسها بنفسها، لأنه إذا تحرك معدل النمو يعني مستوى المداخيل الضريبية سيتحسن وبالتالي ستغطي هذه المصارف الإضافية .

يتضح لي أن منظور رئيس الحكومة عزيز أخنوش، منظور رجل أعمال، عكس بنكيران الذي كان لديه منظور مبسط ولم يكن يقبل بتحسين الأجور خوفا من تفاقم عجز الميزانية…

أخنوش مثل جطو، الذي يرى أنه لتحريك عجلة الاقتصاد، يجب تحريك الطلب الداخلي والاستهلاك. هذا يعني انه لايقبل بالتقشف كسياسة اقتصادية الان سلبياتها اكثر من فوائدها.

سياق الزيادة في الأجور بربطها بتنزيل الدولة الاجتماعية؟

بطبيعة الحال الحكومة منسجمة مع الشعار الذي رفعته في برنامجها حول مسألة تركيز الدولة الاجتماعية، الذي يعني توزيعا أفضل للثروة، تقليص الفوارق الاجتماعية، الاهتمام بالطبقات الوسطى خصوصا في شقها ذات الأجر المحدود.

لاحظنا من خلال الأوراش التي انطلقت خلال السنوات الأخيرة، المرتبطة بالدعم الإجتماعي، تعميم التغطية الصحية، التعويض عن البطالة.

كلها أوراش مرتبطة بتركيز الدولة الاجتماعية، ثم تأتي الآن مسألة تحسين الأجور بشكل عام لفائدة الأجراء ، بالنظر إلى ما خلقه التضخم من ارتفاع في الأسعار وتآكل القدرة الشرائية للطبقة العاملة. ومن شأن تحسين الأجور هذا أن يعوضا نسبيا الأسر المعنية في تآكل القدرة الشرائية كما سيعمل ضمنيا على رفع مردودية/انتاجية الأجراء وهو الأمر المهم في هذه المعادلة الاقتصادية المعقدة.

-هل تساهم سياسة الحكومة هاته في تعميق الأزمة الاقتصادية الحالية أم هي توجه للخروج منها؟

بطبيعة الحال الخطوات التي قامت بها الحكومة هو سلاح ذو حدين، يعني يمكن أن يؤدي إلى كارثة اقتصادية، أو يؤدي إلى تسريع النمو الاقتصادي.

كارثة اقتصادية كما حدث في اليونان أو في الأرجنتين، لماذا لأن توجه الدولة الإجتماعية لم يكن مقرونا بتطوير الاقتصاد، الرفع من معدلات النمو ومداخيل للدولة. كان هناك توزيع كبير وشديد للثروة دون أن ينعكس ذلك على الرفع من المردودية العامة للطبقة العاملة.

الحكومة مطالبة بمراقبة التوازنات الماكرو اقتصادية، مراقبة النمو الاقتصادي، مراقبة المداخيل الضريبية والعجز في الحساب الجاري. وأن تحاول في السنوات المقبلة أن تخلق دينامية اقتصادية مرتفعة لأن كل شروطها متوفرة خصوصا الأوراش الكبيرة المرتبطة بتنظيم المونديال، التي ستخلق زخما ونموا اقتصاديا كبيرا وقويا. خلق مزيدا من مناصب الشغل.

إذن كما قلت مسلسل تحسين القدرة الشرائية ضروري ربطه بتطوير المنظومة الاقتصادية بشكل عام على كل المستويات خصوصا على مستوى النمو الاقتصادي ومستوى المداخيل التي يمكن أن تجلبها من خلال النمو المرتفع المرتقب خلال السنوات المقبلة.

تعليقات